دكتور حامد نبيل يكتب : نهج استراتيجي يُعزز الابتكار ويُحفز التعاون ويسد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق
تعليقا على تصريحات الرئيس السيسي
وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرًا بأهمية تحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية
يُمثِّل هذا التوجه نهجًا استراتيجيًا يُعزِّز الابتكار ويُحفِّز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية ويسد الفجوة بين الابتكار ومتطلبات السوق،وتعتمد ترجمته على أرض الواقع على مجموعة من المحاور المتكاملة تأتي في مقدمتها ضرورة المواءمة بين البحث واحتياجات السوق من خلال إجراء أبحاث السوق؛ لتحديد المشاكل والفجوات التي يمكن للبحث العلمي معالجتها، مع إعطاء الأولوية للبحوث التطبيقية ذات الإمكانات التجارية الواضحة، والتركيز على القطاعات ذات آفاق النمو المرتفع مثل الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والذكاء الاصطناعي. هذا بجانب أهمية العمل على دعم التعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعة من خلال تعزيز الشراكات بين الجامعات ومؤسسات البحث والجهات الفاعلة في الصناعة من خلال مبادرات البحث المشتركة والتمويل واتفاقيات نقل التكنولوجيا وإنشاء مجالس استشارية للصناعة لتوجيه المؤسسات الأكاديمية في مواءمة أبحاثها مع احتياجات الفعلية للسوق. مع ضرورة إنشاء وتطوير مراكز الابتكار وريادة الأعمال داخل الجامعات لاحتضان وتوسيع نطاق الأفكار الواعدة، وتجهيز مؤسسات نقل التكنولوجيا بالموارد اللازمة لدعم الباحثين في مراحل تسجيل وترخيص وتسويق براءات الاختراع. وفي هذا السياق، تظهر أهمية تقديم المنح الحكومية، والحوافز الضريبية، وتمويل رأس المال الاستثماري للشركات الناشئة والشركات التي تروج لنتائج البحوث، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتجميع الموارد للمشاريع القائمة على الابتكار.
ومما لا شك فيه أن نجاح هذا التوجه يتطلب ضرورة تطوير قاعدة من القوى العاملة الماهرة من خلال تدريب الباحثين والطلاب على ربط البحث الأساسي بالتطبيقات العملية أو ما يسمى بـ “البحث الانتقالي”، بجانب العمل على إدخال برامج لتعليم مهارات ريادة الأعمال والتوجه نحو السوق ضمن المناهج الأكاديمية. كما يجب توفير سياسات لتحفيز جهود التسويق، مثل تقاسم العائدات من التقنيات المرخصة مع المخترعين، وتوفير الدعم التنظيمي لتسريع الموافقة على المنتجات المبتكرة، وخاصة في الصناعات مثل الأدوية أو الطاقة. كما يمكن إنشاء منصات اختبار وبرامج تجريبية بهدف توفير مساحات للباحثين والشركات لاختبار وصقل ابتكاراتهم في ظل الظروف الواقعية. مع ضرورة اهتمام المؤسسات الأكاديمية بنظم التعليم القائمة على التخصصات المتداخلة والمتكاملة فيما يسمى بـ “Trans-Disciplinary”، والتي من شأنها تأهيل الخريجين لسوق العمل وزيادة قدرتهم على حل المشكلات المُعقَّدة، والتي لا يمكن حلها بالاعتماد على تخصصٍ واحد، كما أن هناك ضرورة مُلحَّة لقيام مؤسسات الدولة بالعمل على تعزيز التواصل العالمي والشراكات لتشجيع التعاون الدولي لجلب الاستثمار الأجنبي والخبرة، وتسهيل الدخول إلى الأسواق العالمية من خلال مواءمة المنتجات مع المعايير الدولية من ناحية، بجانب الحرص على زيادة الوعي المجتمعي بشأن أهمية الابتكار وريادة الأعمال، والتأكيد على دورهما المحوري في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة مصر كوجهة رائدة في مجال التعليم من ناحيةٍ أخرى.