مقالات

رامى علم الدين.. المتحف المصرى الكبير درة تاج الحضارة

يفتتح المتحف المصري الكبير في القاهرة رسميًا غدًا السبت، في حدث عالمي طال انتظاره، يمثل تتويجًا لجهود الدولة المصرية في تطوير القطاع السياحي وتعزيز مكانة مصر على خريطة الثقافة والحضارة العالمية.

هذا الصرح الفريد، الذي استغرق بناؤه نحو 20 عامًا وبلغت تكلفته أكثر من مليار دولار، يُعد أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة تمتد جذورها لأكثر من 5000 عام، ويقف اليوم شاهدًا على عبقرية المصري القديم ورؤية المصري الحديث نحو المستقبل.

رامى علم الدين.. المتحف المصرى الكبير درة تاج الحضارة

يقع المتحف على مقربة من أهرامات الجيزة في مشهد بصري بديع يجمع بين الماضي والحاضر، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية توثّق مسيرة الحضارة المصرية منذ فجر التاريخ حتى العصور اليونانية والرومانية، في عرض يروي قصة الإنسانية من خلال إبداع المصريين القدماء. ومن أبرز ما يميز المتحف عرض مجموعة الملك توت عنخ آمون كاملة لأول مرة في التاريخ، وتضم نحو 4500 قطعة جنائزية اكتُشفت عام 1922، لتشكل تجربة فريدة تجمع بين الدهشة والمعرفة، وتعيد للزائرين سحر اكتشافات وادي الملوك.

 

ويحظى الافتتاح باهتمام دولي واسع، إذ من المنتظر حضور نحو 80 وفدًا رسميًا، بينهم 40 وفدًا يتقدمها رؤساء وملوك وأمراء من مختلف أنحاء العالم، في رسالة تؤكد مكانة مصر الثقافية والدبلوماسية كجسر للحضارة والسلام. وتشير التقديرات إلى أن المتحف سيستقبل أكثر من 5 ملايين زائر سنويًا، ليصبح من أهم المقاصد السياحية العالمية إلى جانب متاحف باريس ولندن ونيويورك، وهو ما يمثل إضافة قوية لحركة السياحة الدولية الوافدة إلى مصر.

 

ويُتوقع أن يسهم المتحف في تحقيق طفرة اقتصادية جديدة عبر زيادة إيرادات السياحة، التي سجلت 14.4 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024، مع توقعات بارتفاعها بشكل كبير بعد الافتتاح الرسمي. كما يأتي المتحف في إطار خطة الدولة لتنويع أنماط السياحة وجذب فئات جديدة من الزوار المهتمين بالثقافة والتعليم والفن، بما ينعكس على تنشيط الأسواق الفندقية والتجارية وخلق فرص عمل جديدة، ودعم الناتج المحلي الإجمالي.

 

ولا يقتصر دور المتحف المصري الكبير على كونه مخزنًا للآثار، بل يمثل منارة للمعرفة والتواصل الثقافي بين الشعوب، وقوة ناعمة جديدة تعكس رسالة مصر الحضارية والإنسانية إلى العالم. فمصر التي منحت البشرية أول مفهوم للدولة والعدالة والفن والكتابة، تقدم اليوم من خلال هذا المتحف نموذجًا للتنمية القائمة على احترام التراث والاعتزاز بالهوية والانفتاح على المستقبل.

 

إن افتتاح المتحف المصري الكبير لا يُعد مجرد حدث أثري أو سياحي، بل هو إعلان عن ولادة مرحلة جديدة في تاريخ مصر الحديث، تُعيدها إلى صدارة المشهد الثقافي العالمي وتؤكد أن الاستثمار في الحضارة هو الاستثمار الأكثر استدامة وتأثيرًا. إنه صرح يتحدث بلغة الفن والجمال، ورسالة خالدة من أرض الكنانة إلى الإنسانية: أن حضارة مصر القديمة لا تزال تنبض بالحياة وتُلهم العالم في رحلته نحو المستقبل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى