
في ظل التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت، ظهرت العديد من المنصات التي تدّعي أنها توفر فرصًا استثمارية مُربحة أو تُمكِّن الأفراد من تحقيق أرباح بطريقة سهلة وسريعة. ومن بين هذه المنصات التي انهارت بالفعل، نجد العديد من المنصات الوهمية لتوظيف الأموال مثل (FBC)، و(MG Capital)، و(Quint Capital)، وكذلك منصات للعملات الرقمية مثل (One Coin)، و(FXDXB)، و(MT. Gox)، بالإضافة إلى منصات المُراهنات مثل (Betfair)، و(Sport Capital) وغيرها.
وتعتمد المنصات الوهمية لتوظيف الأموال على مخططات احتيالية مثل “بونزي”؛ حيث يتم استخدام أموال المستثمرين الجُدد لدفع الأرباح للمستثمرين القدامى، وعند انهيار النظام يخسر الجميع أموالهم. أما منصات المُراهنات، فهي مصممة بطريقةٍ تضمن دائمًا تفوق الشركة على المُراهن، مما يؤدي في النهاية إلى خسارة الأغلبية لأموالهم. ونظرًا لعدم خضوع هذه المنصات لرقابةٍ حكوميةٍ أو تنظيمٍ مالي رسمي، قد يكون من المستحيل استرداد الأموال المفقودة في حال الاحتيال أو الإغلاق المفاجئ لتلك المنصات.
وعلى الجانب الآخر، فغالبًا ما تتحكم منصات المُراهنات في النتائج أو تستخدم تقنياتٍ رياضية وبرمجية تجعل احتمالية الفوز ضئيلة جدًا، مما يعني أن المراهنين يخسرون أموالهم دون وجود أي فرصةٍ حقيقية لتحقيق الربح من الأساس. وتعتمد هذه المنصات على الحوافز النفسية مثل المكافآت والعروض لجذب المستخدمين واستدراجهم للمقامرة أكثر من مرة، مما يؤدي إلى إدمان المراهنين على هذه المنصات؛ ومن ثم حدوث خسائر مالية متزايدة.
وفيما يتعلق بالمخاطر القانونية لهذه المنصات، فالتعامل معها قد يُعرِّض الأفراد للمساءلة القانونية، خاصةً إذا كانت الدولة تَحظُر مثل هذه الأنشطة، بل إن بعض الدول تُصنِّف الاستثمار في مثل هذه المنصات الاحتيالية باعتباره جريمةً ماليةً قد تصل عقوبتها إلى الغرامة المالية أو السجن، لا سيما مع إمكانية استخدام هذه المنصات كوسائل لغسيل الأموال أو تمويل أنشطة غير قانونية.
ومن ناحيةٍ أخرى، فلكي يكون الاستثمار مشروعًا يجب أن يكون هناك عمل حقيقي أو سلعة تُباع وتُشترى، غير أنه في هذه المنصات لا يوجد أي إنتاج حقيقي، مما يجعلها شكلًا من أشكال المُقامرة التي لا تعتمد على جهد أو عمل. وتتفق المذاهب الفقهية على أن المراهنات وأي شكلٍ من أشكال المقامرة حرام شرعًا، علاوةً على أن معظم هذه المنصات تعتمد على الخداع والتغرير بالناس، وهذا يدخل في باب أكل أموال الناس بالباطل، وهو مُحرَّم أيضًا.
وتأسيسًا على ما سبق، فالتعامل مع منصات توظيف الأموال المشبوهة أو المراهنات يحمل في طيَّاته مخاطر كبيرة تُهدِّد الاستقرار المالي والاجتماعي للفرد والمجتمع؛ مما يستوجب توعية المستثمرين بمخاطرها، وتوجيههم لوسائل استثمار آمنة ومشروعة يُحقِّقون من خلالها الأرباح بطريقةٍ أخلاقيةٍ ومُستدامةٍ.