د. حامد نبيل يكتب : مصر ورفض تهجير الفلسطينيين … صمود القيادة ودعم الظهير الشعبي أمام ضغوط ترامب

لطالما كانت مصر طرفًا أصيلًا في القضية الفلسطينية، بحكم موقعها الجغرافي ودورها التاريخي، إلا أن هذا الدور قد تعرَّض لاختبار حقيقي من جديد بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي حاول من خلاله ممارسة ضغوط على الدولة المصرية لقبول تهجير الفلسطينيين إلى سيناء في إطار تسوية تضمن أمن إسرائيل وتخفِّف الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وجاءت هذه المحاولات مصحوبة بتهديداتٍ بفرض عزلة سياسية واقتصادية على مصر في حال رفضها.
هذا وقد وقابلت الدولة المصرية هذه الضغوط بردٍ حاسمٍ من خلال تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أعلن في أكثر من مناسبة أن مصر لن تقبل بأي حلٍ للقضية الفلسطينية يكون على حساب أرضها، مؤكدًا أن سيناء أرض مصرية مقدسة، وأن القضية الفلسطينية يجب أن تُحل وفق القرارات الدولية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وتزامنت تلك التصريحات مع إجراء اتصالات دبلوماسية مكثَّفة مع القوى الإقليمية والدولية، للتأكيد على أن أي محاولة لفرض التهجير ستُقابل برفضٍ قاطعٍ من الدولة المصرية والمجتمع الدولي. كما حرصت القيادة المصرية على التنسيق الأمني والاستراتيجي بتعزيز التواجد العسكري في سيناء، وتكثيف التنسيق الأمني لضمان عدم فرض أي واقعٍ جديد على الأرض إيمانًا منها بأن أي قبول لهذا المخطط سيشكِّل تهديدًا للأمن القومي.
وتأتي ردود الفعل هذه من مُنطلق إدراك القيادة المصرية التام أن أي تغيير في التركيبة السكانية لسيناء قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة وأمنها، كما أنه يُمثِّل التزامًا منها بالموقف العربي الثابت بأن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وليس بتهجير شعبها، لا سيما وأن القبول بهذا المخطط إنما يعني تصفية القضية الفلسطينية وتحويلها إلى قضية لاجئين.
ولم يكن الموقف الرسمي المصري منفصلًا عن الإرادة الشعبية، بل جاء انعكاسًا لرؤية وطنية موحّدة ترفض أي مساس بالسيادة المصرية أو تصفية القضية الفلسطينية. وقد لعب الظهير الشعبي دورًا حاسمًا في دعم القيادة وتعزيز موقفها الصلب، من خلال إجماع وطني واسع توحَّدت تحت مظلته مختلف القوى السياسية والمدنية لدعم موقف الدولة، معتبرةً أن القبول بهذا المخطط يُمثِّل خطرًا على الأمن القومي المصري. وفي هذا الصدد، قدم الشارع المصري والذي كان على قلب رجلٍ واحد ملحمةً تاريخية لرفض مخطط التهجير؛ برفضه أية حلول للقضية الفلسطينية تكون على حساب مصر، مؤكدين دعمهم الكامل للقيادة السياسية في موقفها الواضح والثابت.
ويمكن القول إن مصر قد نجحت في الصمود أمام ضغوط ترامب، وفرضت إرادتها السياسية بدعمٍ شعبيٍ قوي، لتؤكد مجددًا أنها لن تكون جزءًا من أي مخطط يستهدف القضية الفلسطينية أو أمنها القومي ليبقى الموقف المصري واضحًا وثابتًا بأن سيناء للمصريين، وفلسطين للفلسطينيين، ولن يكون هناك أي حل على حساب الأرض أو الهوية.