بقلم شريف التازي
استيقظ العالم الاقتصادي يوم ٢ ديسمبر ٢٠٠١ علي خبر افلاس اكبر شركة طاقه امريكيه والتي كان مقرها تكساس ، بعد ان وصل سعر السهم لأكثر من ٩٠ دولار ليهبط خلال شهور لأقل من دولار امريكي في مفاجأه فريده من نوعها ، وعند التحري عن الاسباب بعد تقديم اعتراض وشكوي المساهمين ، اكتشفت هيئه الرقابه علي البورصه الامريكيه SEC ان سبب الخساره هو الفساد المالي والاداري بالشركة الذي لم يكن معروفا مابين الاداره التنفيذيه و مكتب الاستشارات ومراقب الحسابات آنذاك مكتب ( آرثر اندرسون ) وتم وقف مكتب المراجع العالمي من يومها ، بعد اكتشاف التواطيء بينهما في اخفاء صفقات ماليه خاسره مليارات الدولارات وبعض العمليات المحاسبيه الهامه فضلا عن قيام المدير التنفيذي والمدير المالي بعمل مزدوج مابين اقناع كبار المستثمرين بشراء الاسهم ومن ناحيه اخري بيع اسهم تخصهم نتيجه لزياده الطلب عليها .
اضف الي ذلك انفجار الازمة الاقتصاديه الاسيويه عام١٩٩٧ ، وتصنيفها كأزمة تشريعات قاصره عن تنظيم العلاقه بين الحكومات ومنشآت الاعمال ، التي اكدت ضروره وجود الحوكمه .
ماهي الحوكمه : الحوكمة ليست قانونا ، انما هي مجموعه مباديء تتكون من ٤٨ مبدأ تهدف لتأسيس قواعد رشيده للاداره فيما يحكم العلاقه بين المساهمين من طرف وبين مجالس اداره الشركات من ناحيه اخري من خلال هياكل تنظيميه تدعم وجود اعضاء مستقلين وغير تنفيذين ، ويشكل منهم لجنه مراجعه حياديه وخارجه عن الهيكل الداخلي للشركات المساهمه المؤيده بالبورصات ، كما انها تفصل عمل المراجعين القانونين ومراقبي الحسابات الخارجين لمدي يضمن عدم تدخلهم في صناعه القرار او استقلاليه مراقب الحسابات وكيفيه اختياره من الجمعيه العموميه للشركات .
تأسست مباديء الحوكمه بأعتماد من الامم المتحده لجنه الاقتصاد بعد تقرير اعتمادها من منظمة الاقتصاد العالميه .
اهداف ( الحوكمه ) : بناء ثقه بين المساهمين ومجلس ادارات الشركات ، تخفيض تكاليف التمويل ، تشجيع الاستثمار الاجنبي بنسب تتراوح من ١١-٤٠٪ ، تضييق وتقليص حجم الفساد المالي والاداري ، ضمان التصويت بالجمعيات العموميه للمساهمين واصحاب السندات ، زياده كفاءه الرقابه الداخليه للشركات من خلال الرقابه المستمره والمستقله من لجنه المراجعه ، رفع الجداره الأئتمانيه للشركات ، ضمان وضع هياكل تنظيميه متميزه مابين اعضاء مستقلين وغير مستقلين تضمن انسيابيه العمل بكفاءه و رفع كفاءه الموظفين .
ولعل التجربه في مصر للعمل بنظام الحوكمه بدأت تدق ابوابها عام ٢٠٠١ بمبادره وزاره التجاره والاقتصاد ، بمشاركة البنك الدولي بالتعاون مع وزاره التجاره الخارجيه و هيئه سوق المال وبورصه الاوراق الماليه في اعداد اول تقرير لتقييم حوكمه الشركات في مصر وكان من اهم نتائجها : تتفق مصر مع مباديء الحوكمه في ٤٠ مبدأ وتختلف في ٨ مباديء جوهريه لازالت الي الان و لم يتم معالجه الا اثنين من تلك المباديء ال٨ .
ولعل المباديء ال٤٠ التي تتفق مع مباديء الحوكمه محتواها ( ضمان حق توزيع الاسهم وحق التصويت وحمله السندات بشكل قانوني / اتفاق معايير المحاسبه المصريه والمراجعه المصريه مع معايير المحاسبه والمراجعه الدوليه / توفر شريحه من القوانين المصريه الهامه الخاصه بمكافحه الفساد ومكافحه السياسات الاحتكاريه و توفر قوانين سوق المال والاستثمار وقطاع الاعمال المناسبه مثل قانون ٩٥ سوق المال وقانون ٢٠٣ قطاع اعمال وقانون ١٥٩ شركات اموال )
ولكن مع الاسف الاختلاف في ٨ مباديء الي الان مخيبا للامال حيث انه اختلافا جوهريا يتلخص في مشكلات تتعلق بمرونه المؤسسين وحقوق الملكيه من الاعتراف بتوزيعات ارباح او الافصاح عن ملكيه حصص واسهم في شركات مختلفه او التلاعب بأسماء اشخاص اعتباريه او ذو علاقه من تضليل .