مقالات

دكتور محمد حسانين يكتب.. تعقيدات مهر المرأة لماذا؟!

يقول الله تعالى ” وآتوا النساء صدقاتهن نحلة” النساء الآية(4) , والصداق هو المهر وهو ملك خالص للمرأة واجب ومستحق لها كاملا بالدخول بها, فإذا حصل الطلاق قبل الدخول كان لها نصف المهر في حال كان المهر محددا ” وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح” سورة البقرة الآية(237).

وتبدو قضية الصداق أو المهر في منظور الشريعة الإسلامية قضية سهلة وبسيطة ولا ينتابها أية تعقيدات, إلا أن أعراف الناس وعاداتهم وتقاليدهم قد أتت على البساطة الشرعية فحولتها إلى تعقيدات شديدة, لا يعرف المتأمل الدافع الحقيقى من وراء هذا التعقيد هل هو من أجل مساعدة الزوجين على بدء حياتهما الزوجية دون تحمل أعباء كثيرة أم بدافع تعقيد عملية الطلاق فيكون الحمل المالى أو العبء المالى مانعا للزوج عن الطلاق حال رغبته فيه؟

تظهر صورة هذا التعقيد جلية واضحة في مسألة قسمة الصداق إلى مقدم ومؤخر, فتأتى العائلات وتجعل مقدم الصداق مبلغا رمزيا ربما ربع جنيه أو جنيه أو بضع جنيهات إلا أن مؤخر الصداق يكون مبلغا كبيرا, فيحتار المتأمل عن الدافع وراء ذلك هل هو مساعدة الزوج بعدم تحميله عبئا ماليا كبيرا في مطلع ومبتدأ الحياة الزوجية أم هو بدافع تعقيد عملية الطلاق, فالزوج إذا أراد أن يطلق يجد نفسه ملزما بمؤخر صداق كبير قد يبطئه عن التطليق أو يمنعه عنه.

ولكن الحقيقة أنه ومع ارتفاع معدلات التضخم بسبب الظروف الاقتصادية العالمية, فإن الاعتقاد بأن وجود مؤخر صداق كبير سوف يبطئ أو يمنع الزوج عن الطلاق يبدو محل شك كبير.

تأتى مسألة ” قائمة الزوجية” كذلك لتطرح عددا من الأسئلة, ما الدافع وراء وجودها من الأساس رغم أن الشرع الشريف يلزم الزوج بنفقة وكسوة زوجته وتجهيز المسكن الملائم لها, هل الغرض من وراء هذه القائمة مساعدة أهل الزوجة للزوج على بدء الحياة الزوجية أم الغرض من ورائها هو تعقيد عملية الطلاق وضمان وجود ورقة ضغط كبيرة على الزوج تضمن للزوجة الحق في حبس الزوج بتهمة التبديد حتى حال استمرار العلاقة الزوجية؟

وهل القائمة هى مجرد أمانة مودعة من الزوجة لدى الزوج بمنزل الزوجية تحصلها متى شاءت, أم هى المهر (الصداق) أو جزءا منه تستحق حال الطلاق؟

وتأتى مؤخرا مسألة ” الشبكة” هل هى هدية من الزوج لزوجته أم هى جزء من المهر أم هى جزء من قائمة الزوجية؟ فإذا كانت الشبكة هدية من الزوج لزوجته فليس له الرجوع فيها, وإن كانت جزءا من المهر فإنها تستحق في حالات استحقاق المهر, وإن كانت جزءا من القائمة فهى من الأمانات المودعة لدى الزوج.

والمتأمل لجميع ما سبق سوف يعيد تكرار السؤال, ما الداعى لتجزئة المهر ووضعه تحت كل هذه المسميات المختلفة, هل هو لمساعدة الزوجين أم لتعقيد عملية الطلاق أم هى أوراق ضغط متبادلة يحرص كل طرف على امتلاكها ضد الطرف الآخر حال الخلاف.

هنا تبدو الحاجة ملحة لتدخل تشريعى واضح يلزم الزوجين عند ابتداء العلاقة الزوجية بتسمية الأمور بمسمياتها فما هو من المهر يكتب صراحة أنه من المهر, وما هو هدية يكتب صراحة أنه هدية, وما هو على سبيل الأمانة يكتب صراحة أنه أمانة, وهنا يحق لكل طرف أن يقبل من البداية أو يرفض بعد أن يعرف عواقب ونتائج كل مسمى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى