مقالات

الفلسفة.. والحياة 


بقلم/ محمد جادالله
نعيش اليوم في أجواء مليئة بالصراعات الفكرية والتقدم العلمي الهائل في شتي المجالات العلمية والأدبية. ولكن وسط كل هذا لابد لنا ألا نغفل عن الفلسفة فهي بمثابة ضابط المرور المنظم لحركات المرور في الشارع، فالفلسفة هي أيضًا بمثابة الأداة التنظيمية للتفكير السليم. فهي كانت في العصور القديمة أمًا للعلوم إلى أن وصلنا إلى العصر الحديث فبدأ العلم ينفصل عنها تدرجياً. علي الرغم من ذلك هناك فروعاً من الفلسفة تدرس العلم وتهتم به، على سبيل المثال لا الحصر: (فلسفة الطب – فلسفة القانون – فلسفة اللغة – فلسفة العقل). وهنا علينا أن نتمنى جميعًا أن تكون الفلسفة هي الأداة لحل مشاكلنا، فهي فن التفكير.
عزيزي القارئ، الفلسفة لا يمكن أن تتوقف ما دام الإنسان حياً، فالفلسفة تؤيد الأمل في إدراك معنى الحياة الذي يتجاوز كل الأغراض الدنيوية. وهدف الفلسفة هو أن تُحقق في كل الأزمان “استقلال” الإنسان كفرد وهو يُكتسب، إلا أنه لا يكتسب هذا الاستقلال إلا بإيجاد علاقة بينه وبين الوجود.
وهنا نضع أيدينا على أحد دعاوى غير الناطقين بالفلسفة وهي “التناقض” وان ومهمة الفلسفة تتسم دائماً بهذا. إلا أن الاستقلال الي نقصده لا يلتمس في البعد عن العالم، وفي نبذه واعتزاله، بل يلتمس في الدنيا ذاتها، وفي خلالها والإسهام فيها، ولكن دون الخضوع لها. ومن ثم فإن الفيلسوف الذي لا يحب لنفسه الحرية إلا إذا توافرت لغيره، ولا يحب لنفسه الحياة إلا باتصاله بغيره من الناس. إن الفلسفة تخاطب الفرد، وفي كل عالم، وكل موقف، يرد الاجتهاد الفلسفي الفرد إلى نفسه، لأن الفرد الذي يكون نفسه – ويستطيع أن يبرهن على ذاته في عزلته – هو وحده الذي يستطيع حقاً أن يشرع في الاتصال بغيره.
ولنختم مقالنا بما قاله الأكاديمي الفرنسي بيير هادو وهو أحد رجالات الفلسفة العظام: “الفلسفة ليست تعلم نظرية مُجردة، وهي أبعد ما تكون عن عملية تفسير نصوص. إنما الفلسفة هي فن العيش، الفلسفة موقف عياني وأسلوب محدد في الحياة يشمل الوجود بكليته. الفعل الفلسفي ليس واقعاً على المستوى المعرفي وحده، بل على مستوى الذات ومستوى الوجود. إنه تقدم يؤدي بنا إلى أن “نوجد” وجوداً أكثر امتلاءً وأن يجعلنا أفضل حالاً. إنه تحول وجودي حاسم يقلب حياتنا كلها رأساً على عقب، مغيرة حياة الشخص الذي يخوض فيه. الفعل الفلسفي يرفع الفرد منا من حالة حياتية غير أصلية، وغيبوبة معتمة، وهم مُنغص – إلى حالة حياتية أصلية يمتلك فيها المرء الوعي الذاتي والرؤية الدقيقة للعلم، والسلام الداخلي والحرية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى