فضًّا للاشتباك، لماذا لا تُقيم المؤسسة الأزهرية حوارًا مع نخب المثقفين (حتى المختلفين)، تدعو إليه فى المشيخة الأزهرية، ويؤمه الإمام الأكبر، الدكتور الطيب أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؟.
يقينى أن مثل هذه المائدة الحوارية ستنتج أثرًا طيبًا، وتبدد سحابات الشك وغيوم التشكيك، وتضع أسسًا للحوار المرتجى مجتمعيًا.
الحوار وليس الخوار، الحوار فعل رشيد، الخوار فعل كريه، الخوار ينهى الحوار قبل أن يبدأ، ونحن فى طريق الحوار أرجو أن يتراجع الخوار والصياح استهجانًا، الحوار يجُب الخوار، والحوار فعل إنسانى رشيد.
وبالسوابق، سبق أن فعلها الإمام الأكبر وجمع ما تيسّر من المثقفين (حتى المختلفين) بعد ٢٥ يناير، وانتهوا بعد ماراثون حوارى رشيد إلى وثيقة الأزهر للدولة المدنية، والتى حددت (فى حضور الإمام) بوضوح الخطوط الفاصلة بين ما هو دينى وما هو مدنى فى سياق الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.. وسجل وقائع الحوار الدكتور صلاح فضل فى كتابه «وثائق الأزهر ما ظهر منها وما بطن».
الاحتراب الحادث بين المؤسسة الأزهرية وثلة من المختلفين، للأسف بلغ حد التراشق المرذول، مع دخول صحيفة «صوت الأزهر» على خط المواجهة دفاعًا عن شيخ الأزهر، ما أعطى الاحتراب مددًا إضافيًا.
ما هو حادث يقينًا يُحيِّر البسطاء، ويُبلبِل العقول، ويجرفنا عن جادة السبيل، والحوار يُجلى المعانى وجهًا لوجه، لا تسمعوا عنهم، اسمعوا منهم مباشرة، وليُسمِعوا الإمام ما يستبطنونه علانية وبالحيثيات والأدلة القاطعة والبراهين، ويحاورهم الإمام بالحسنى وزيادة، ويرد عليهم بما هو كافٍ للإقناع.
حتى ولو لم يتوافقوا، الحوار يُضيِّق المسافات، ويجسر الهوة، ويوفر أرضية معلوماتية لما هو حادث من تجديد فى المؤسسة الأزهرية، «حوار الطرشان» الفضائى/ الصحفى لن يقدم ولن يؤخر، يُجذِّر الفرقة، وضره أكثر من نفعه.
الجولة الأخيرة من الاحتراب لم تكن عند حسن الظن، وغلب عليها سوء الظن، والتفاعلات ينقصها حسن الفطن، والتماس الأعذار، وتنحية المختلف، والحد الأدنى للاتفاق، وحدود الخلاف، وطرقه ووسائله التى بلغت حد التجاوز على بعض الألسنة الحداد.
ولعمرى هذا سياق خطير، ويُخلف آثارًا سلبية تمامًا على مستقبل الحوارات المجتمعية. والحوار المقترح مستوجب عاجلًا وبأجندة واضحة المعالم، فالقضايا العالقة واضحة، والاجتهادات من حولها منشورة ومعلومة للكافة، فقط الحوار من حولها وتجسيدها كقضايا تستوجب الاجتهاد فى سياقات محكومة بأهداف عليا، تستهدف السلام المجتمعى المنشود.
حاجتنا إلى الحوار ضرورة، لا نملك رفاهية وقت لا نملكه، أو حرف بوصلة الوطن عن القضايا الأخطر التى تهدد الدولة الوطنية هناك على الحدود المترامية، وعند منبع النهر الخالد.
دولة مُهدَّدة فى نيلها مصدر وجودها، علامَ تتحاور، ضرب الزوجات، تهنئة عيد الميلاد؟، عجبًا ما هكذا تُورَد الإبل، فلنذهب سريعًا إلى حوار أقرب إلى صلاة فى حب الوطن.
وفى مثل هذا يوصينا المصطفى، صلى الله عليه وسلم: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَينَ المنَاكِب، وسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينُوا بِأَيْدِى إِخْوَانِكُمْ، وَلا تَذَرُوا فَرُجَاتٍ للشيْطانِ، ومَنْ وصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّه، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعهُ اللَّه».
المصدر المصري اليوم