
الوعود الانتخابية “شيك بلا رصيد”
بقلم/ خلف أبوزهاد
في كل موسم انتخابي، تتكرر نفس المشاهد: لافتات ضخمة، كلمات رنانة، وجولات ميدانية يملؤها التصفيق والوعود. “هنعمل”، “حنبني”، “هنتطور”، عبارات تتردد كأغاني شعبية في أذن المواطن البسيط، لكنها غالبًا ما تتلاشى مع انقضاء يوم التصويت، ويجد الناخب نفسه كمن اشترى الوهم بشيك بلا رصيد.
الوعود الانتخابية أصبحت أداة للإغراء أكثر منها خطة عمل. فالكثير من المرشحين لا يملكون رؤية حقيقية ولا مشروعًا واقعيًا يمكن تنفيذه على أرض الواقع، بل يكتفون بتقديم أحلام وردية يعجزون عن تحقيقها لاحقًا. فيغدقون بالكلام عن فرص العمل، وتحسين الصحة والتعليم، وحل مشكلات البنية التحتية، دون أن يقدموا جدولًا زمنيًا واضحًا، أو يوضحوا مصادر التمويل، أو يلتزموا بمسؤولية حقيقية.
الناخب، في ظل ضغوط الحياة اليومية، قد يقع فريسة لتلك الأحلام. فحين يُلامس السياسي طموحات الناس ويعدهم بحياة أفضل، يميل البعض إلى التصديق، خاصة في المناطق التي تعاني من الإهمال والتهميش.
لكن المشكلة لا تكمن فقط في المرشح، بل أيضًا في وعي الناخب. فالمحاسبة غائبة، والمتابعة نادرة، والذاكرة الجمعية قصيرة. تمر السنوات، ويترشح الوجوه ذاتها أو من يشبهونهم، ويعاد عرض نفس المسرح.
ولعل السؤال الأهم: من يراقب؟ من يحاسب؟ وهل باتت الانتخابات ساحة للتسويق والكلام الجميل فقط؟
إذا أردنا حقًا إصلاحًا سياسيًا ومجتمعيًا، فعلينا أن نبدأ من هنا: نشر الوعي الانتخابي، وتعليم الناس كيف يميزون بين المرشح صاحب الرؤية والآخر الذي يبيع الأوهام.
على المواطن أن يسأل: “كيف؟ ومتى؟ وبكم؟” لا أن يكتفي بالتصفيق.



