مقالات

الاقتصاد المصري بين تفاؤل المؤسسات الدولية وتحديات الواقع

بقلم دكتور حامد نبيل

أصدر كلٌ من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مؤخرًا تقاريرًا إيجابية بشأن مستقبل الاقتصاد المصري خلال عامي 2025 و2026؛ حيث أشارا إلى توقعات بزيادة معدل النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات التضخم تدريجيًا. وتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير أن يسجل الاقتصاد المصري معدل نمو يتراوح بين 4% إلى 4.5% خلال عامي 2025 و2026، مدفوعًا بتحسن أداء قطاعات السياحة، والطاقة، والصناعة، بجانب الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية. في حين أشار البنك الدولي إلى أن السياسات الاقتصادية الإصلاحية التي تبنتها الحكومة المصرية، وعلى رأسها برنامج الطروحات الحكومية وإجراءات تحسين مناخ الاستثمار، ستساهم في دعم معدلات النمو المُستدام خلال الفترة المقبلة.
كما أوضح الصندوق أن معدلات التضخم، التي شهدت مستويات قياسية خلال السنوات الأخيرة، ستبدأ في الانخفاض التدريجي لتسجل مستويات تتراوح بين 15% إلى 18% بنهاية عام 2025 مقارنةً بمستويات أعلى تجاوزت 30% في بعض الفترات السابقة. وفي هذا السياق، أكد البنك الدولي أيضًا أن استقرار أسعار الصرف وتراجع الضغوط العالمية على أسعار الغذاء والطاقة سيكون لهما دور رئيسي في تهدئة معدلات التضخم داخل مصر.
وعلى الرغم من هذه النظرة الإيجابية، إلا أن مواصلة تحقيق النجاحات الاقتصادية المتوقعة يتطلب العمل على مجموعة من المحاور المتزامنة من خلال اتخاذ العديد من الخطوات الجادة نحو تعزيز مناخ الاستثمار من خلال تيسير الإجراءات الإدارية أمام المستثمرين، والقضاء على البيروقراطية وتحسين بيئة ممارسة الأعمال. بجانب دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تُمثِّل ركيزةً أساسية للنمو. مع الاستمرار في الإصلاحات المالية وضبط عجز الموازنة العامة من خلال رفع كفاءة التحصيل الضريبي دون زيادة الأعباء على المواطنين من ناحية، وترشيد الإنفاق الحكومي وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة لتحسين رأس المال البشري من ناحيةٍ أخرى، بجانب اتباع إدارة مرنة لسعر الصرف لضمان أن يعكس سعر صرف الجنيه قيمته السوقية الفعلية، والحفاظ على احتياطيات قوية من النقد الأجنبي لدعم استقرار العملة. مع ضرورة العمل على تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية بدعم الصناعات المحلية للحد من الاعتماد على الواردات، وتشجيع الصادرات المصرية وتنويع الأسواق الخارجية. والجدير بالذكر أن كل هذه الخطوات يجب أن تتزامن مع التركيز على زيادة خطط الحماية الاجتماعية من خلال توسيع دائرة برامج الدعم النقدي للفئات الأكثر احتياجًا، وزيادة الاستثمار في التعليم والتدريب المهني لمواكبة متطلبات سوق العمل الحديث.
وتأسيسًا على ما سبق، قد تبدو آفاق الاقتصاد المصري خلال العامين الحالي والمقبل مشجعة بفضل الإصلاحات الاقتصادية والسياسات المرنة التي تتبعها الحكومة، غير أن استمرار النجاح يتطلب العمل المستمر على تعزيز بيئة الاستثمار، واستكمال الإصلاحات الاقتصادية، مع حماية الفئات الأكثر احتياجًا من آثار تلك الإصلاحات. فالطريق نحو تحقيق نمو اقتصادي شاملٍ ومُستدام ما يزال يتطلب التزامًا قويًا وإجراءات مدروسة لضمان تحقيق التوقعات الإيجابية وتحسين جودة الحياة لجميع المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى