السيد سالم يكتب.. سيناريو مصري لاحتواء البلطجة الأمريكية!

لا توجد فترة في العلاقات المصرية الأمريكية مرت بهدوء أو بدون أزمات وضغوطات مهما كانت طبيعة الحزب الحاكم أو توجهاته.. فما بين لؤم الحزب الديمقراطى ودسائسه وبين همجية ووحشية الحزب الجمهوري وبلطجته لم تسلم مصر من الاكتواء بنيران الولايات المتحدة ووكلائها، وهذا حصل في كل الملفات سواء كانت تخص مصر أو المنطقة العربية.
والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يختلف عمن سبقه، وما يجب علينا فهمه هو أن نكون على يقين دامغ بأن الإدارة الأميركية الجديدة لا تملك أدوات مختلفة عمن سبقها من أجل الضغط على مصر، فمع مع تولي جو بايدن الحكم ظهرت أصوات أمريكية تتوعد مصر بفترة رئاسية قاسية، ومن منا لا يتذكر تغريدته الشهيرة “لا شيكات على بياض لدكتاتور ترامب المفضل” في هجوم صريح على الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومع ذلك رحل باين مدحورا ولم يستطع أن ينفذ تهديداته، وكان الموقف الصلب لمصر في رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
واليوم تكرر الرئاسة المصرية لـ ترامب ما قالته لـ بايدن، “لا تهجير.. لا تصفية للقضية ” لأن القضية الفلسطينية هي إحدى ثوابت السياسة المصرية والعربية، ولا يملك السيسي- ولا أي رئيس مصري قبله أو بعده- الموافقة على أي تصرف يقضي بتصفية القضية العربية والإسلامية الأولى؛ فهو يعلم أن وراءه شعبا ومؤسسات تأبى ذلك.
إن مصر دولة كبيرة وتستطيع استيعاب التغيير في نهج الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ولا يخفى علينا أنها كانت تستعد لمثل هذه السيناريوهات على كل المستويات، بدون “جعجعة أو ضجيج فارغ”.
إن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تتحطم خططها في المنطقة أمام الرفض المصري، بل ستنتهي المواجهة المحتملة أمام حديث لغة المصالح المشتركة، لتعود الولايات المتحدة وتؤكد أن مصر دولة محورية ولا يملك أحد رفاهية خسارتها، وإدارة ترامب تعلم أنه لا يمكن فرض ملف التهجير على أية دولة باعتباره جريمة حرب لا يريد الرجل الشغوف بالحصول على جائزة نوبل للسلام أن يتورط فيها.
إن الحديث عن ملف التهجير ليس له طرف واحد-وهو مصر فقط- بل هناك شعب أبي حارب وذاق ويلات الدمار والجوع، ولا يرضى بترك أرضه للمحتل، بل إنه متمسك بما بقي من دولة يأمل في إعلانها رغم كل التحديات العقبات، وما رأيناه اليوم في عودة شعب غزة إلى شمال القطاع يؤكد رفضه القاطع لمثل هذه المخططات الشيطانية المغلفة برداء المصلحة.
وفي كل الأحوال، فإن قوة مصر ليست في عتادها العسكري فقط، بل قوتها الحقيقية تكمن في قوة جبهتها الداخلية، وهذا ما يفهمه العدو جيدا.
تعليق واحد