تحقيقات وحوارات

مجدى سبلة.. يكتب / محنة الاعلام الخارجي في أستعلامات مصر ؟

 

يستمر العبث الذي تناولناه في مقالات سابقة حول استعلامات مصر، وأصبحت المسألة لا تقتصر فقط على مسير قطاع الإعلام الداخلي الذي يقوم بمحاولات بائسة لاستجواب من يشك من الموظفين أنهم ضده والتنكيل بهم ولا تقتصر على سوق جروبات الواتس اب ووعده الغريب لأتباعه بأنه سيكون وش الخير و سيملئ بطاقاتهم الائتمانية بالخيرات وهو الوعد الذي يشبه وعود مرشح برلماني للناخبين في الريف المصري في ستينات القرن الماضي !
فكيف سيملأ الرجل بطاقات مرؤوسيه بالخير وما هو ذلك الخير المنتظر ؟ هل سيملأها من ميزانية الهيئة أم من ميزانية “الأودا” الألمانية التي لا يطلع على أسرارها أحد سواه، كما ملأ بطاقة شقيقه بالخيرات .
ولنا هنا تساؤل أيضا للسيدان محجوب وشملول .. ما هو السر وراء نقل الاثاث الثمين والأجهزة والتكييفات من مبنى طلعت حرب يوم السبت الماضى 12 اكتوبر إلى مخازن مجمع اعلام السلام .. على الرغم من أنه أحد أيام الإجازة في هيئتكم؟ وهل يقدر بما نقلتوه اليوم فعلا بملايين الجنيهات .. وهل صحيح أن كل ذلك منحة من جهات خارجية .. وهل تم اثباته بشكل رسمي ؟ وكيف سيتم التصرف في كل ذلك .. ولماذا لم يتم إبلاغ هيئة الخدمات الحكومية للإشراف على عملية النقل ؟ اعتقد ان كل هذه التساؤلات تبحث عن إجابات .. فى وقت يلتزم فيه الجميع بالصمت .
نعود مرة أخرى لملف الإعلام الخارجي فالأمر لا يقتصر أيضا على قصة زميله فاضلة قصرت في عملها في الخارج مرتين ثم تبوأت في عهد رشوان مسئولة أولى عن القطاع الخارجي ،والخطاب الذي بين يدي الان يبين أنها رفضت القيام بعملها لمدة أشهر وحصلت على آلاف الدولارات وهي موفدة إلى إحدى الدول الأفريقية ولم يجري تحويلها لجهات التحقيق بحجة رفض العمل الذي تحصل في مقابله على آلاف مؤلفة من الدولارات !
ليس هذا فقط ما يقال في قصة الاستعلامات ولكن هناك الكثير مما يؤلم حول هذه المؤسسة.
هناك الكثير عن مكافأة المتراجعين والانتقام من المجتهدين. هناك الكثير مما يجعلك تقول أن المقصرين في هذه الهيئة قد امتطوا ظهور الشرفاء هناك الكثير كما يقولون مكافأة القاتل ومحاكمة المقتول !
هناك الكثير مما لا يمكن تبريره ولا حتى بالمنطق الخنفشاري الذي قام بوصفه الراحل العظيم محمود السعدني صاحب ” حمار من الشرق” و”الطريق إلى زمش” و”مصر من تاني” و”وداعا للطواجن”!
الإعلام الخارجي بالهيئة العامة للاستعلامات كان بمثابة الجائزة الكبرى لأي إعلامي أو إداري التحق بهذه الهيئة ،فالسفر كملحق أو مستشار إعلامي بالسفارات المصرية بالخارج يحقق الطموح المادي والمكانة الاجتماعية للشخص وبالتالي فالكل كان يسعى ويجتهد للحصول على هذه الوظيفة التي ينالها الانسان بعد سلسلة من الاختبارات في اللغات الأجنبية وفي القضايا السياسية والاقتصادية الدولية والمعلومات العامة .
ولكن في ظل رئاسة ضياء رشوان للهيئة حدثت تطورات كثيرة على هذا القطاع كانت نهايتها إعلان تجميد ما تبقى من مكاتب بالخارج وإصدار شهادة وفاة هذه المكاتب على دفعتين.
فعندما جاء ضياء رشوان رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات، أعلن أنه سينهض بقطاع الإعلام الخارجي من خلال حسن اختيار الأشخاص الذين يتم تعيينهم كمستشارين إعلاميين بالخارج وتطبيق معايير معينة في هذا الاختيار وعدم السماح بأي استثناءات في ذلك واختيار الشخص المناسب لكل دولة على حده من خلال عمل اختبار خاص بكل دولة وليس اختبار عام يتم بعده توزيع الناجحين على الدول، إلى جانب عمل دورة تدريبية رفيعة المستوى بالأكاديمية الوطنية للتدريب لمن اجتازوا جميع الاختبارات التحريرية والشخصية والشفوية .
وليس بوسعنا أو بوسع أي إنسان أن يقول شيئا حول إجراءات كهذه، فمن الجيد أن تكون هناك معايير علمية عادلة في اختيار الناس لكافة الوظائف وليس فقط المستشارين الإعلاميين .
ولكن الذي حدث بعد ذلك يجعلنا نسأل ألف سؤال استنكاري وننتظر الرد عليه بأي منطق مقبول .
ففي أول اختبار تحريري أجري في عهد السيد رشوان لم يتجاوز هذا الاختبار سوى ١١ شخصا فقط وهو الاختبار الذي يجري في اللغات والمهارات الإعلامية والقضايا السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية والشئون المصرية ،وفي الوقت الذي كان لديه ٩ مكاتب اعلامية خالية، وهذا أمر لا غبار عليه أيضا، فلينجح من يستحق، وتمثيل مصر الكبيرة شرف لا يناله سوى المجتهدون أصحاب الكفاءات .
وبعد سلسلة اختبارات شخصية ونفسية تالية لم يتبق من التسعة الناجحين في الاختبار التحريري سوى ثلاثة أشخاص فقط، ولا بأس في ذلك أيضا طالما أن هناك معايير محترمة ومؤسسات محترمة تقوم باختبار الناس .
وبعد أن مر هؤلاء الثلاثة المتبقين في نهاية المطاف بكل ما تم وضعه من اختبارات وحضورهم تدريبا متقدما جدا للعمل بالمكاتب التي اختبروا عليها وتدربوا عليها وظلوا حوالي عامين في عملية الاستعداد هذه، حدث شيء عجيب وغريب حيث أعلنت الهيئة عن إغلاق جميع المكاتب التي خاض الناس الاختبارات والتدريبات لكي يعملوا بها وكان من بينها مكتب الصين وأوغندا والمغرب والجزائر وبيروت!!
فهل هذا منطق ؟ ننفق ملايين على الاختبارات والتدريبات على مكاتب بعينها ثم نقوم بإلغاء هذه المكاتب ونخلق حالة من الإحباط لدى كل من يجتهد ويسعى من أجل شرف تمثيل بلده في هذا المنصب؟!!!
وأمام هذا الموقف العجيب وأمام الحالة النفسية لهؤلاء الثلاثة جاءت الفرصة لحل هذا الموقف العصيب الذي لا يوجد له أي تفسير منطقي ،عندما تبين أن هناك سيدة تعمل في أهم مكاتب الهيئة وهو مكتب لندن منذ سنوات دون أن تدخل أي اختبارات وأنها موجودة منذ ثلاث سنوات لتسيير أعمال المكتب حتى يتم تعيين مستشار إعلامي جديد !!
أليست هذه صورة عبثية لا مثيل لها؟ سيدة موجودة منذ سنوات بأهم مكتب دون أن تمر بأي اختبار والذين مروا بكل هذا المارثون قد باتوا بلا مصير معروف؟ من الذي أوفد هذه السيدة وكيف بقيت كل هذه المدة دون أي معيار عادل؟
وعلى أية حال قرر السيد رشوان أن يتولى صاحب المركز الأول بين الممتحنين باللغة الإنجليزية مكتب لندن ليحل محل السيدة التي كانت موجودة هناك (بشكل مؤقت) ، ولا أدري ما هو المعنى المقصود بكلمة (مؤقت) في ظل بقاء هذه السيدة لسنوات في هيئة لديها ناجحون متدربون للقيام بمهمتها!!!
وبقي اثنان من الثلاثة الناجحين فتم تعيين الشخص الذي كان مقررا سفره لمكتب المغرب الذي أغلق إلى روسيا وتم إلحاق الآخر بمكتب إثيوبيا حلا للموقف الذي نتج عن إلغاء المكاتب بعد نجاحهما .
وبعد أيام من صدور القرار الذي شمل أسماء الثلاثة معا وتضمن مكاتب لندن وموسكو وأديس أبابا حدث شيء غريب جديد، حيث سارعت الشئون المالية والإدارية بالهيئة برئاسة محمد عطا الله بإنهاء إجراءات سفر اثنين فقط وهما الموفد إلى روسيا وإلى إثيوبيا، ولسبب غير معلن تركت الموفد إلى لندن دون أن تفعل شيئا تجاه إصدار تأشيرته أو إنهاء أي إجراءات تخصه!!!
وبقي الرجل الذي كان الأول بين الممتحنين باللغة الإنجليزية ينتظر نزول السيدة الموجودة في لندن بشكل (مؤقت ) ولكنها لم تنزل لأسباب يعلمها الله وبالتأكيد يعلمها ضياء رشوان !! ويعلمهاعبد المعطي أبو زيد مستشار ضياء رشوان للإعلام الخارجيّ!!!
وألح الشخص المقرر سفره إلى لندن من أجل انهاء إجراءات سفره ليحل محل السيدة الموجودة هناك بشكل ( مؤقت )دون جدوى …ولم تتدخل الهيئة مطلقا لاستصدار تأشيرة له لأنه لم يكن يستطيع انهاءها بمفرده في ظل تعقيدات السفر التي كانت موجودة مع ظهور فيروس كورونا ولكي تبقى السيدة الموجودة في لندن بشكل (مؤقت) لمدة ٦ أشهر أخرى بعد صدور قرار إلحاقه الذي ولد ولادة متعثرة بعد اختبارات وبعد تدريب لم يجري مثلها في تاريخ الهيئة .
ماذا يفعل هذا الرجل الذي كان الأول في الاختبار عندما تخلت عنه الشئون المالية بقيادة محمد عطا الله وتخلى عنه قطاع الإعلام الخارجي بقيادة عبد المعطي ابو زيد ولم يساعده أحد في انهاء إجراءات السفر ليتأخر عن زميليه اللذين سافرا إلى إثيوبيا وروسيا لستة أشهر ؟
الذي حدث يا سادتي أن الرجل اجتهد بنفسه ووصل إلى مكتب السفير البريطاني في مصر دون أي دعم من الهيئة العامة للاستعلامات ونجح بعد جهد جهيد أن يحصل على تأشيرته من المكتب المسئول، ولكن بعد حوالي خمسة أشهر من سفر زميليه !
ورغم أنه كان على بعد أيام قليلة من عيد الأضحى إلا أن خوفه من حدوث أي جديد جعله يضحي بقضاء العيد بين أولاده وطار إلى الهيئة بالقاهرة ودخل إلى مكتب الاعتمادات الخارجية وقامت السيدة المسئولة بإنهاء الإجراءات المالية لسفره وحجزت له تذكرة من مصر للطيران وأخذ أوراقه وانطلق إلى بلدته وراح في عالم الخيال لفترة طويلة وراح يقيس المسافة بين عاصمة الضباب وبين قريته الصغيرة وتفاصيلها اليومية وبين أكسفورد ستريت ويقول لنفسه هل يعقل هذا ؟
لم يكن يصدق رغم أنه الأول في الامتحان ورغم القرار الموجود بين يديه بسبب مخزون عدم الثقة الذي يعيش بداخله أنه خلال ساعات سيكون في عاصمة الضباب، وأحيانا كان يحاول إبعاد تلك المشاعر السلبية ويقول لنفسه: ولم لا وأنا الأول بين الناجحين وحاصل على أعلى درجة في اللغة الإنجليزية والترجمة؟
كان صاحبنا قبل وصوله إلى موقف عبود ليستقل سيارة إلى قريته، قد تواصل عن طريق الواتساب مع السيدة الموجودة في مكتب لندن (بشكل مؤقت منذ ٣ سنوات ) وأخبرها بموعد وصوله إلى عاصمة الضباب لكي تعد العدة لاستقباله !
ولم يكن يدري المسكين أنه بذلك قد ارتكب نفس الخطأ الذي يرتكبه البطل التراجيدي Tragic hero في الدراما اليونانية ويكون السبب في دماره .
فبعد ساعة تقريبا من تواصله مع السيدة (المؤقتة ) وبالتحديد عندما كانت السيارة قد وصلت إلى بنها العسل أفاق المسكين من أحلامه وصوره الذهنية التي يعيش فيها عن عاصمة الضباب.. أفاق على رنين الهاتف ليجد على الشاشة اسم أحمد يحيى مدير مكتب رئيس الهيئة ورد عليه ليتفاجأ بقوله: “ضياء بك بيقول لحضرتك ما تسافرش” فسأله لماذا ؟ فقال له انتظر حتى إشعار آخر!!!
ورغم أن السيد يحيى اجتهد ليبعد عنه القلق وقال له لا تقلق هي مسألة وقت، إلا أن هذه المحاولة لم تؤتي ثمارها وأصيب المسكين بعارض صحي جعل السائق يتوقف لإسعافه وأخرج له بعض الركاب بعض الشوكولاتة والمشروبات وعاد إلى قريته مهزوما مكسور الوجدان !
مر شهر قبل أن يحدث شيء وكاد صاحبنا أن يفقد الأمل، وذات ليلة أصابته نوبة شجاعة فدق على هاتف أحمد يحيى وقال له يا أستاذ أحمد أسأل ضياء بك: هل سأبقى على هذا الحال حتى يأتي عيد الميلاد الستون للسيدة( المؤقتة ) ..فضحك يحيى وقال له انتظر وسأعود إليك بعد قليل .
وبعد قليل عاد يحيى بالخبر التاريخي : يا أستاذ فلان توكل على الله وسافر .. وعاد صاحبنا للهيئة من جديد فحجزوا له تذكرة جديدة وسافر خلال أيام.
لم تكن السيدة المؤقتة في انتظاره بمطار هيثروا كما هو معروف بين زملاء هذه الوظائف ولكنها اكتفت بإرسال الملحقة الإدارية التي أخذته إلى مقر إقامته لتبدأ قصة جديدة مريرة!
فأول كارثة أصابت الرجل عقب وصوله بساعات هي سرقة مبلغ كبير من السلفة التي سلمتها له الهيئة لكي يدبر أمور إقامته في بداية وصوله ثم يقوم بسدادها بالخصم من راتبه على مدار العام !
منذ اليوم الأول لاستلامه العمل عاملته السيدة (المؤقتة) بشكل عدواني وأوشت به لرئيس القطاع الذي يجمع بينها وبينه علاقة مودة كبيرة، وقامت بتعبئة الموظفين المحليين ضده حتى لا يتعاونوا معه في العمل وهو لا يزال جديدا بالبلاد ويحتاج إلى مساعدة جميع الموجودين .
ولأن هؤلاء الموظفين قد أخذوا ضوء أخضر من شملول الحصاوي وشلبية البرجوازية وبديعة الحيزبون من القاهرة فقد فعلوا كل شيء للإضرار بالرجل وإثبات فشله من أجل السيدة المؤقتة والرجل الذي يدعمها من القاهرة! وقد وصلت الأمور إلى توقف هؤلاء الموظفين عن العمل تماما تحت حماية المجموعة المذكورة من القاهرة حتى كره الرجل عمله وأخذ يعد الأيام لكي تنتهي هذه المهمة التي تحولت من حلم كبير إلى كابوس كبير !
وفي خضم هذه الأحوال الغريبة كلفه قطاع الإعلام الخارجي بتكليفات إضافية أثقل بكثير من المهام الروتينية للمكتب وهي تكليفات كان يمكن أن تعرض حياته للخطر ولا داعي لذكرها!
عمل الرجل ليل نهار وعمل السبت والأحد وبريطانيا كلها في إجازة لكي يوفي بمطالب أباطرة القطاع في القاهرة!
بقي الرجل هناك عاما وأربعة أشهر قبل أن تصدر الهيئة قرارا بتجميد المكاتب الإعلامية في الخارج ويعود الجميع للبلاد وكان منهم من قضى خمسة أعوام ومنهم من قضى عاما وأربعة أشهر!!!
وبذلك تكون السيدة المؤقتة التي لم تدخل أي اختبار قد نالت أكثر بكثير من الذي خاض عامين من الاختبارات والتدريب، فهل هذه بيئة عمل يمكن أن تخلق أي نجاح؟.
من المستفيد من تعطيل العمل بأهم مكاتب الهيئة انتقاما من رجل لم يرتكب شيئا ولم يؤذي أحدا!
هل أراد السيد عبد المعطي أن يثبت أن السيدة المؤقتة التي أرسلها إلى هناك دون أي اختبارات هل أفضل بكثير ممن أخضعهم ضياء رشوان للاختبارات لمدة عامين؟؟!!!
لكننا فى النهاية .. نستطيع أن نقول إن شمس هؤلاء قد غربت بالفعل .. وان فجر يوم جديد يحمل معه الأمل قد أوشك على البزوغ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى