نجح الفريق الطبي في مدينة برجيل الطبية بأبوظبي، في إجراء عملية زراعة نخاع العظم لرضيعة كانت قد شُخصت بعد ولادتها بخمسة أيام بمرض جيني وراثي نادر يسمى نقص المناعة المشترك الحاد (SCID)، حيث دفع إصابة شقيقتها الكبرى بمضاعفات ذات المرض، الأطباء لإجراء الفحوصات التفصيلية للطفلة (أنايا) والتي اثبتت إصابتها أيضاً.
منذ ذلك الحين ، طُلب من ذوي الطفلة توفير بيئة معقمة لطفلتهم حديثة الولادة، كدرع واقي لمنع إصابتها بالعدوى حتى تتمكن من إجراء عملية زرع النخاع العظمي في مدينة برجيل الطبية، وذلك بإعتباره الإجراء الوحيد المنقذ للحياة بحسب الأطباء، فيما يُعرف مرض نقص المناعة المشترك الحاد (SCID)، بأنه اضطراب وراثي جيني نادر يضعف من تطور الجهاز المناعي ويجعل مرضاه أكثرعرضة للإصابة بالعدوى والمضاعفات الأخرى الخطيرة والقاتلة فهو أحد أشد أمراض نقص المناعة الأولي.
قال الدكتور زين العابدين رئيس قسم أمراض الدم والأورام وزراعة نخاع العظام للأطفال في مدينة برجيل الطبية:” في معظم الحالات، لا يعيش الأطفال الذين لم يتم تشخيص إصابتهم بمرض نقص المناعة المشترك الحاد (SCID) بعد عام أو عامين، لقد كانت أنايا محظوظة لتشخيصها بالمرض عندما ولدت، بسبب التاريخ المرضي لعائلتها، لذلك تم وضعها في غرفة عزل خاصة معقمة لمنع التقاط أي عدوى حتى تم العثور على متبرع متطابق، و خضعت لعملية زرع نخاع العظم”
وأوضح أن عملية البحث عن متبرع متطابق استغرقت بعضاَ من الوقت لعدم وجود أي شخص في عائلتها مطابق كلياً، فقد تم توسيع دائرة البحث إلى سجلات الخلايا الجذعية الدولية، ومع ضيق الوقت قرر الفريق الطبي إجراء عملية زرع أحادية التطابق، عبر أخذ الخلايا الجذعية من والد أنايا الذي كان نصف متطابق، فيما خضعت أنايا قبل شهرين لعملية زرع نخاع عظمي ناجحة بنسبة 100% وبدون حدوث مضاعفات، وساهم التشخيص المبكر والتدخل في الوقت المناسب بإعطائها فرصة جديدة للحياة.
التشخيص المتأخر
عانت شقيقة (أنايا) (عائشة) من تأخر تشخيصها بذات المرض SCID ، الذي أدى إلى ظهور مضاعفات صحية خطيرة على جسدها بما في ذلك إصابتها بالعمى الجزئي، و حدوث التهابات في رئتيها ودماغها أيضًا.
وأضاف الدكتور زين العابدين: “قررنا إجراء عملية زراعة نخاع العظم لعائشة عندما تم استقبالها في المستشفى، أملاً في أن تتكاثر الخلايا السليمة بمرور الوقت وتعمل على تطوير جهاز المناعة في جسمها، كنا محظوظين لأن لديها خلايا جذعية متطابقة داخل عائلتها ، وكان شقيقها أحمد البالغ من العمر 6 سنوات هو المتبرع “.
وتابع:” إن عملية الزرع الناجحة ساعدت جهازها المناعي على العودة إلى طبيعته، وتم التخلص من الإلتهابات التي أصابتها قبل الزرع، حيث تسببت هذه المضاعفات لحدوث مشكلات طويلة الأمد ، بما في ذلك مشاكل الرؤية والحاجة إلى دعم التنفس بالأكسجين على مدار الساعة لذلك احتاجت إلى البقاء في المستشفى لفترة أطول لإعادة التأهيل الوظيفي”.
قال والدي الطفلة أنايا :” بعد رحلة صعبة ، كانت هذه نقطة تحول لعائلتنا، جاء تقرير تشخيص أنايا عندما كنا في المستشفى مع شقيقتها عائشة، كان هذا بمثابة صدمة لجميع أفراد الأسرة في البداية ، ولكن تبين لاحقًا أنها كانت نعمة حيث يمكننا إنقاذها بدعم العلاج في الوقت المناسب، كان العامان الماضيان بمثابة محنه اختبار بالنسبة لنا، منحنا شفاء أنايا بصيص أمل، وندعو الله أن تتحسن حالة عائشة أيضًا، نحن ممتنون لدولة الإمارات على العلاج والرعاية المتقدمة المقدمة والمتاحة في مستشفياتها، و نشكر الأطباء والفريق الطبي في مدينة برجيل الطبية على تواجدهم معنا طوال هذه الفترة وتشجيعنا، نحن سعداء لأنه يمكننا الأن العودة بطفلتنا إلى المنزل”.
أهمية فحوصات حديثي الولادة
أكد الدكتور زين العابدين، أن رحلة الطفلة أنايا تأتي بمثابة تذكير بأهمية الاكتشاف المبكر لهذا المرض الجيني المناعي الخطيرSCID ، حيث سيساهم الإكتشاف المبكر في تعزيز فرص العلاج الناجح بشكل كبير والتقليل من مخاطر حدوث مضاعفات على المدى الطويل، و يأمل أن تلقي قصتها الضوء على أهمية فحص الأطفال حديثي الولادة، حيث يعد الاختبار المبكر أمرًا حاسمًا في تحديد وعلاج SCID ، مما يؤثر بشكل كبير على النتائج طويلة الأجل ونوعية حياة المرضى، موضحاً إلى ضرورة زيادة الوعي بين أفراد المجتمع وأطباء الأطفال وأولياء الأمور حول SCID هذا المرض المناعي ، وأهمية الكشف المبكر.