الرياض – فطين عبيد
سوق الشمال أو سوق الجمعة يتربع وسط الزلفي، ويختزل الكثير من الآثار القديمة القريبة منها مسجد العليوية الذي بني قبل 300 عام، وبقايا منازل طينية قديمة، وعلى بعد أمتار من المكان سوق المقتنيات القديمة.
سوق الشمال وأكياس الجراد الحي
شاهدنا خلال الجولة جمهرة كبيرة تحلقت حول مركبة “ونيت” تبيع أكياس من الجراد الحي مصنوعة من خيوط النايلون الأحمر، الكيس الواحد 15 ريال، والمشهد اقترن ببعض الضحكات حيت تمكنت بعض الجرادات من النفاذ والهرب من بين خيوط الكيس لتلصق بأثواب المتحلقين.
علمنا من البائع أنه يجمع هذه الأكياس من أسراب الجراد بعد صيدها من صحراء النفوذ، بخاصة أنها معروفة بفوائدها في علاج الروماتزم وألم الظهر وتسريع نمو الأطفال، وشاهدنا أسراباً منها تقطع حتى الشوارع الرئيسة في العديد من تقاطعات وطرقات وبراري المحافظة.
وقال عدد من البائعين: “إن البعض بخاصة من كبار العمر يشتريها ويطبخها بعد قطع رأسها وتنظيفها، قيما آخرون يفضلوا تجفيفها واستخدامها بعد في الأشهر اللاحقة، أما الشباب فبعضهم يشتريها ليهديها لأجداده أو ليجرب المذاق “.
وفي هذا السوق الشعبي تباع الماشية، والألبان بخاصة “الإقط” أو ما يسمى الجميد في بلاد الشام، والتمور على اختلاف أنواعها، وكذلك الأدوات المنزلية المستعملة”.
مدخل الزلفي
مررنا بيافطات مكتوب عليها رويغب، رغبة، ملهم، الصمان، روضة نورا، الداهنة، الحسي، الجنيفي، حوطة سدير، جلاجل، الخطامة، الحصون، إضافة إلى دقلة، والصفرات.
تخطينا محافظتي المجمعة والغاط، حتى تلألأت في عيوننا أضواء متدرجة من الزلفي أو كما يدللها البعض عروس نجد “زلفونيا”.
المداخل والمخارج الخمسة
تتميز المحافظة بوجود خمسة شوارع تسمح بالدخول اليها والخروج منها، ما سهل الحركة التجارية من حولها، وبقيت شاهداً تاريخياً على أهميتها الاستراتيجية بين دول الخليج العربي بخاصة الكويت والعراق، وتحاط المحافظة بالغاط وجبل طويق وعلقة ومركز الروضة، كما تضم أودية وقرى عدة منها مرخ، عريعرة، جزرة، الثوير، الطرغشة، أم العشاش.
يافطات ارشادية في الطريق
لمحنا من لحظة خروجنا من الرياض الكثير من اللوحات الارشادية الضخمة القصيم 290 كيلو حائل 550 كيلو، المدينة المنورة 760 كيلو، الجوف 900 كيلو، وكأن الزلفي مفتاحاً لهذه الوجهات.
الطبيعة الصامتة بين “العقل”
لمعت جبال من رمال بلون الذهب الخاص، مكسوة بالأعشاب الخضراء والأشجار البرية، وأزهار الحنون الصفراء، إذ كامل المحافظة تزهو بأشجار النخيل الباشقة في الأحياء والشوارع والشعب، فالزلفي تحتل المرتبة الخامسة في انتاج التمور.
تزيد من رونق المحافظة ماء “العقل” تلك الآبار التاريخية التي استلهمت اسمها من “العقال” الذي كان يلبسه رجال البادية على رؤوسهم، إذ كان الناس قديماً يربطون الدلو به ويسحبون الماء في حال لم يتوفر حبل.
معالم هامة في محافظة الزلفي، متحف الضويحي للتراث
متحف خاص مجاني يقع بقرية العلقة التراثية منذ مطلع التسعينات، ومُصنّف كأحد أهم معالم الزلفي السياحية، ويختص بتاريخ مدينة الزلفي التراثي عبر ثماني قاعات رئيسة تضم الأدوات المنزلية والملابس التراثية وحُلي النساء الفضية والعملات النقدية والأسلحة القديمة، إضافة إلى آلات موسيقية تراثية ومنتوجات فنية من الخزف والخوص والفخار وجريد النخل، وكذلك نسخ من أهم وأقدم الأعمال الأدبية المطبوعة وأعداد من الصحف والمجلات السعودية العتيقة.
يُنظم المتحف لزائريه مجموعة من الفعاليات والألعاب والاحتفاليات الثقافية والترفيهية التي تُناسب جميع أفراد الأسرة، لتساند المتحف في مسيرته، وتمنح وقتاً ممتعاً لعائلات.
قصر سعود بالزلفي
أحد أهم معالم مدينة الزلفي الأثرية التي تتميّز بتاريخها الطويل يمتد إلى 243 عام حين أسسه الأمير سعود عام 1780 م، أثناء مُحاصرته للمدينة في الطور الأول لتأسيس المملكة.
ويتميّز القصر المبني من لبنات الطوب، ويمتد بين المزارع على بُعد 10 كيلو جنوب مدينة الزلفي بأسواره الضخمة التي تمتد ستة أمتار طولًا ومترين عرضًا.
مطل الزلفي
يستمتع الزائر برؤية بانوراميه لمدينة الزلفي من أعلى مطلين يتحلقان من الجهتين الشرقية والغربية، لجلب السياح العرب والأجانب، فالمطل الشرقي يعلو قمة جبل طويق شرق المُحافظة وصمم ليضم حزمة من أرقى الشاليهات.
أما المطل الغربي الواقع أعلى قمم نفود الثويرات الرملية، فهو متنزه مساحته مليون متر مربع، ويضم مناطق خضراء للعب والترفيه.
وتتميّز المطلات باحتوائها على 300 شجرة زيتون تُكسب المكان طبيعة خلابة تحث على الهدوء والاسترخاء والراحة النفسية، وهو مكان مثالي للعائلات لما يتوفر به من مرافق خدمية ومنطقة ألعاب للأطفال
روضة السبلة
حديقة خضراء تقع على بُعد 10 كيلو شرق مدينة الزلفي تكسوها الزهور خلال فصل الربيع وسنابل القمح خلال فصل الشتاء، إذ تصب فيها مياه الأمطار الموسمية من وادي النوم ومرخ، وتمثل روضة السبلة مزار سياحي جاذب للأنظار لما تتمتع به من طبيعة ومراعي خضراء خصبة.
متنزه السعيدانية
السعيدانية واحد من متنزهات الزلفي المميّزة التي تستقطب آلاف السياح، عند زيارتهم المحافظة للاستمتاع بطبيعتها الخلابة والهادئة المُريحة للأعصاب والمزيلة للاكتئاب.
ويمتد المُنتزه المُسيّج على مساحة كبيرة، على بُعد 18 كيلو غرب مدينة الزلفي وتحديدًا على طريق الزلفي القُصيم، ويتميّز بغطائه النباتي الكثيف من أشجار الأثل والطلح والغضى التي يصل عددها إلى 300 شجرة.
متنزه وبحيرة الكسر
يقع على بُعد 16 كيلو شمال شرق مدينة الزلفي، ويتميّز بمساحات من الكثبان الرملية المثالية لرحلات السفاري باستخدام مركبات الدفع الرباعي، إضافة إلى بُحيرة الكسر الصافية المُكوّنة من تجمعات السيول والأمطار.
نفود الثويرات
واحدة من أهم معالم الزلفي السياحية الطبيعية، تضم مليون متر مربع من الكثبان الرملية، تمتد من شمال مدينة الزلفي إلى غربها وتكسوها الأشجار والخُضرة، بخاصةً اتجاه الغرب حيث يقع المطل الغربي على الزلفي، ويعتقد أن سبب تسمية النفود بهذا الاسم أن الرياح تنفث الرمال المتحركة.
قصة مكان: قرية علقة التراثية
قرية تراثية قديمة العهد غرب مدينة الزلفي من جهة الشمال بالقرب من صحراء نفود الثويرات وجبل طويق أحد أهم معالم الزلفي السياحية، كما تُعد أسوار مدينة علقة وبلداتها العتيقة حيث بقايا الحصون والبيوت والمباني الطينية القديمة والمُزخرفة من معالم السياحة في الزلفي.
تضم القرية بواقي 70 منزلاً مبنياً من الطين، كانت مأهولة بالسكان، وما زالت تعبق بأنفاس الآباء والأجداد، إذ كتبت حديثاً يافطات لتعريف الزائر بأصحاب هذه البيوت العتيقة منها الفرهود” “جارالله” “البواردي” “البداح” “السيف” “الطيار” “الفوزان” “الدويش” والعشرات غيرهم مع تواريخ تعود لـ 300 عام مضت.
وقرية “علقة” خالية حالياً من السكان تقع خارج المحيط العمراني الحالي، وكأنها تعشق هدوء الأسلاف الذين سكنوها، وشيدوا بيوتها الطينية العتيقة، التي بقيت تجابه الريح وعوامل البيئة.
المسجد في قرية علقة
بقي المسجد الذي ما زال تقيم فيه الصلاة حتى اليوم، ماثلاً بتقنية التبريد الذاتي عبر تجيير تقنية استخدام الطين والفراغات للتهوية حسب عوامل الطقس، إذ مجرد النزول من الدرج للدور السفلي يشعر الزائر أن التهوية الطبيعة استعادت عافيتها، بخاصة أن كامل المسجد ينطلق من أعمدة دائرية الشكل.
السكان والتاريخ
يقطن المحافظة 120 ألف نسمة ما جعلها معبراً للتجارة بخاصة مع دول الخليج العربي، إذ ما زالت ترتبط معها بعلاقات نسب وقربي نسجتها علاقات تجارية قديمة، بخاصة مع دولة الكويت التي تبتعد ثلاث ساعات بالمركبة من حدود الزلفي.
بناية وسط المحافظة بلا بوابة
السائر بين المزارع في الزلفي (100 ألف) نسمة يصدف بناية ضخمة بلا بوابة، وبمجرد الاقتراب يشتم رائحة البخور والعود والعطور، وكذلك رائحة القهوة والشاي وكأنها تنطق مرحبةً بالضيوف.
فالموقد توسط المكان وخرطومه العلوي متصل بالسقف ليبعثر الدخان بعيداً، ورجل في منتصف الثمانينيات توسد المجلس تحلق حوله الأقارب والأصدقاء والجيران والضيوف، يعرف بينهم عميد آل ابداح، الذي ورث عادة ترك البوابة مفتوحاً من آبائه وأجداده رمزاً للكرم، وبالجوار مزرعة نخيل ومسجد.