انتخابات مجلس الشيوخ والمال السياسي… هل فقدت الديمقراطية بوصلتها؟

انتخابات مجلس الشيوخ والمال السياسي… هل فقدت الديمقراطية بوصلتها؟
بقلم- خلف أبو زهاد
مع اقتراب انتخابات مجلس الشيوخ في مصر، تعود إلى السطح مجددًا تساؤلات ملحة حول دور المال السياسي وتأثيره العميق في تشكيل المشهد الانتخابي.
هل لا تزال الكفاءة والبرنامج السياسي هما مفتاح الفوز؟ أم أن المال بات هو الصوت الأعلى في صناديق الاقتراع؟
المال السياسي.. نفوذ متزايد أم ضرورة انتخابية؟
في السنوات الأخيرة، أصبح المال عنصرًا لا غنى عنه في الحملات الانتخابية، ليس فقط لتغطية تكاليف الدعاية وتنظيم المؤتمرات، بل وأحيانًا – وهو الأخطر – للتأثير على إرادة الناخبين عبر شراء الأصوات أو تقديم رشاوى انتخابية مغلفة بعبارات مثل “مساعدات” أو “تبرعات مجتمعية”.
ويتساءل كثيرون: إذا كان المقعد البرلماني يُشترى، فهل سيمثل صاحبه الشعب أم مصالح من موّلوه؟
مجلس الشيوخ.. هل يؤدي دوره أم أداة للوجاهة؟
رغم أن مجلس الشيوخ له دور استشاري مهم في التشريعات ورسم السياسات، إلا أن ضعف التغطية الإعلامية له، وغياب دوره في قضايا الرأي العام، جعلا الكثيرين ينظرون إليه كمجلس “ثانوي” أو مجرد منصة للوجاهة الاجتماعية، يسعى البعض للوصول إليها بأي ثمن.
وهنا يبرز المال السياسي كعنصر حاسم: فمع ضعف المنافسة الفكرية، يتقدم من يملك المال أكثر ممن يملكون الكفاءة.
هل هناك حل؟
الحل لا يكمن فقط في القوانين، بل في وعي الناخبين أولًا، ودور الإعلام ثانيًا. يجب أن يعرف المواطن أن صوته لا يُشترى، وأن انتخابه لشخص غير مؤهل مقابل مبلغ مالي، هو خيانة لمستقبله قبل أن تكون خيانة للوطن.
كذلك، مطلوب من الدولة رقابة صارمة على مصادر تمويل الحملات، وتفعيل دور الهيئات القضائية في رصد التجاوزات، ومحاسبة من يثبت تورطه في استخدام المال لشراء النفوذ.
الخلاصة
المال السياسي خطر حقيقي يهدد جوهر الديمقراطية.
ومجلس الشيوخ، بما له من أهمية في التوازن التشريعي، يحتاج إلى وجوه تمتلك الرؤية، لا الثروة فقط، وإذا استمر المال في السيطرة على الانتخابات، فإننا نُفرّغ المؤسسات من مضمونها، ونُبقي على الشكل فقط.
في الدورات الماضية، شهدت بعض الدوائر في سوهاج تجاوزات واضحة، كان المال فيها هو صاحب الكلمة العليا. مواطنون باعوا أصواتهم مقابل مبالغ زهيدة، ورجال أعمال ضخّوا الأموال طمعًا في الحصانة أو الوجاهة.
ورغم محاولات التوعية من قبل بعض النشطاء، فإن الانتخابات لا تزال، في نظر البعض، معركة مالية لا تنافسًا برامجيًا. الأمر الذي أفقد العملية السياسية جزءًا من معناها، وجعل البرلمان أداة لا تمثّل طموحات المواطن الصعيدي.
لم يكن تمثيل محافظة سوهاج في مجلس الشيوخ على قدر طموحات أهلها. ورغم وجود شخصيات مشهود لها، إلا أن بعض المقاعد كانت تُحسم لصالح من يملك المال والعلاقات، وليس بالضرورة من يملك الرؤية والكفاءة.
وهنا يكمن الخطر: هل نسمح بتكرار نفس الوجوه والممارسات؟ أم أن المواطن السوهاجي سيكسر هذه الدائرة عبر اختيار ممثلين يعبرون عن قضايا المحافظة؟





o7enn6