مع إستمرار ظاهرة الهجرة غير النظامية، وتصاعد مؤشرات تدفقات المهاجرين عبر الحدود الجنوبية مع دول الجوار إلى ليبيا الغير مسيطر عليها والتي تمثل العامل الأبرز في استمرار تدفق المهاجرين وظاهرة الهجرة عبر ليبيا، بالإضافة إلى تزايد أعداد المهاجرين من جنسيات سوريا وبنغلاديش وباكستان وأفغانستان الذين يصلون إلى ليبيا عبر مطار بنينا الدولي ببنغازي على متن الرحلات الجوية التي تسيرها شركة أجنحة الشام للطيران، وكذلك شركة غدامس للطيران من مطار دمشق الدولي إلى مطار بنينا الدولي، ودخولهم إلى ليبيا بتأشيرات سفر عبر هذا المطار مقابل مبالغ مالية تقدر 500$ دولار للمهاجر الواحد لصالح الإستثمار العسكري، ساهمت هذه الظروف والأوضاع في تصاعد مؤشرات ظاهرة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين بشكلٍ غير مسبوق من قبل عصابات وشبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وكذلك الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية المعنية بمكافحة الهجرة غير الشرعية وحرس الحدود.
بحسب المعلومات الواردة فقد رصَد ووثّق قسمُ تقصّي الحقائق والرَّصْد والتوثيق بالمُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، والتي جرى التحقق منها وتوثيقها من خلال شهادات ومعلومات من المهاجرين ضحايا الاتجار بالبشر وأهاليهم، حيثُ تُفيد هذه المعلومات بقيام قيادات وعناصر جهاز حرس الحدود التابع لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، بعمليات إتجار بالبشر ” إطلاق سراح المهاجرين وكذلك مقابل حصولهم على جوازات سفرهم مقابل دفع مبالغ مالية ضخمة ” بمركز إحتجاز العسة التابع للجهاز، والذي يُحتجز به قرابة 500 مهاجر متعددي الجنسيات العربية والإفريقية والآسيوية من بينهم نساء وأطفال، المرحلين قسرياً من تونس إلى ليبيا، والذي لا يخضع لسلطة وتفتيش نيابة الهجرة ولا توجد به اي قيودات او سجلات رسمية بأعداد وجنسيات وهوية المهاجرين اللذين يتواجدون به، ولايتم إحالتهم إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ناهيك عن استغلالهم في أعمال البناء والتشييد والتنظيف وغيرها من الأعمال القسرية الأخرى.
وكما رُصد ووثّق وقوع حالات عديدة للاتجار بالبشر والابتزاز المالي للمهاجرين مقابل إطلاق سراحهم، وكذلك مقابل حصولهم على جوازات سفرهم، من قبل قيادات وعناصر بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة الداخلية وتحديداً بمراكز إيواء بئر الغنم وطريق المطار وعين زارة والسكة وطبرق وأجدابيا وبنغازي، بحق عدداً كبيراً من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء متعددي الجنسيات العربية والإفريقية والآسيوية، ولا توجد بهذه أي قيودات أو سجلات رسمية بأعداد وجنسيات وهوية المهاجرين اللذين يتواجدون بهذه المراكز، مما ساهم في زيادة عمليات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين داخل هذه المراكز، بالإضافة إلى استغلالهم في أعمال البناء والتشييد والتنظيف وغيرها من الأعمال القسرية الأخرى.
حيث تتم عمليات الاتجار بالبشر بأسعار محدده للجنسيات، وحسب المعلومات المتوفره تتم هذه العمليات بنسبة للمهاجرين السوريين بقيمة 15 و 10 الف دينار، وبنسبة للمهاجرين من باكستان وبنغلاديش تصل قيمة عملية البيع إلى 15 و 20 الف دينار، وباقي الجنسيات الأفريقية والمصرية والسورية من 3 ألفين دينار إلى 6 ألف دينار ليبي، وهذه العمليات تتم بشكلٍ يومي، ناهيك عن إستغلال المهاجرين في العمل القسري بدون إجر ومقابل مادي في عمليات البناء والتشييد لمقر هذه الأجهزة الأمنية.
⏹️ وقد رُصّد ووثّق خلال هذا العام 2024م وقوع عدد ( 355 ) حالة إبتزاز مالي لمهاجرين غير نظاميين كانوا محتجزين بمراكز الإيواء مقابل إطلاق سراحهم :🔽
حيثُ رُصّد ووثّق وقوع عدد ( 59 ) حالة إبتزاز مالي لمهاجرين كانوا محتجزين مقابل إطلاق سراحهم في مركز إيواء العسة التابع لجهاز حرس الحدود بوزارة الداخلية.
وكما رُصّد وقّوع عدد ( 38 ) حالة إبتزاز مالي لمهاجرين كانوا محتجزين مقابل في مركز إيواء المهاجرين غير النظاميين بئر الغنم.
ورُصّد أيضاً وقوع عدد ( 171 ) حالة إبتزاز مالي لمهاجرين كانوا محتجزين مقابل إطلاق سراحهم في مركز إيواء المهاجرين غير النظاميين عين زارة، وطريق السكة بمدينة طرابلس.
وكما جرئ رصّد وتوثّيق وقوع عدد ( 87 ) حالة إبتزاز مالي لمهاجرين كانوا محتجزين مقابل إطلاق سراحهم في مركز إيواء المهاجرين غير النظاميين اجدابيا وبنغازي الكبري وطبرق.
وفي هذا الصدد تُطالب المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، مكتب النائب العام، ومكتب المدعي العام العسكري بفتح تحقيقاً شامل في هذه الانتهاكات والجرائم الجسيمة التي تُرتكب بحق المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء المتواجدين في مراكز الإيواء التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية وكذلك جهاز حرس الحدود التابعين لوزارة الداخلية، وتحديداً جريمة الاتجار بالبشر من خلال الإبتزاز المالي لهم من أجل إطلاق سراحهم، وضمان مسائلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الإنتهاكات الجسيمة وتقديمهم إلى العدالة، وذلك بكون هذه الممارسات تُشكل جرائم يُعاقب عليها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك قانون العقوبات الليبي، ممارسات مشينه وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بكونها أعمآل مجرمة وفقاً للقانون رقم 19 لسنة 2010م بشأن مكافحة الهجرة غير المشروعة .
وكما تُطالب بالمُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، نيابة الهجرة بمكتب النائب العام، ووزارة الداخلية بتفعيل منظومة الحصر للنزلاء بمراكز الإيواء الخاصة بالمهاجرين والتدقيق الداخلي في سجلات المتواجدين بمراكز الإيواء وسجلات واعداد وجنسيات من يتم ضبطهم في العمليات الأمنية أو في أوكار تهريب المهاجرين أو في عمليات الصد والاعتراض في البحر المتوسط واللذين يتم إعادتهم إلى البلاد وإنزالهم في منصات الإنزال بالمواني الليبية وحفظ ومراجعة سجلات التسليم والاستلام فيما بين إدارة أمن السواحل وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتدقيق على أعداد المتواجدين بمراكز الإيواء وعمليات الترحيل والعودة الطواعية، للحيلولة دون إستمراريّة غياب قواعد البيانات والإحصائيات بكونها سبّب في تنامي وتصاعد حالات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين بمراكز الإيواء.
وفي هذا الإطار تُطالب المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا الفريق المعني بالجرائم المرتكبة بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيقات شاملة في هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق المهاجرين والتي تُخل بمبدأ الحماية الإنسانية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، والتي تري المُؤسسة بإن هذه التحقيقات تُسهم بشكلٍ فاعل في جُهود السُلطات القضائيّة الليبية في إنهاء حالة الإفلات من العقاب ومحاسبة الجُناة، بما يكفل ويضمن حقوق الضحايا والمتضررين من هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة.
وختاماً تدعو المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي رقمي (2174) و(2259) و( 2570) و(2571) ، والذي ينصون على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالاً تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان في ليبيا، وكذلك من يدعمون أعمالاً تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تعرقل أو تقوض عملية الانتقال السياسي في البلاد.
هذا وقد سبق أن طالبت المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، بإغلاق مركز إيواء العسة التابع لجهاز حرس الحدود بوزارة الداخلية بكون إنشاءه مخالف لاختصاص الجهاز ويكون جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية هي الجهة الوحيدة المختصة بإنشاء مراكز الايواء وإداراتها والإشراف عليها للحيلولة دونما وقوع مثل هكذا ممارسات مشينه وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني والقانون الوطني بكونها أعمآل مجرمة وفقاً للقانون رقم 19 لسنة 2010 بشأن مكافحة الهجرة غير المشروعة .