اقتصاد

استثمارات تدعم النمو المستدام لقطاع السياحة في السعودية

تشارك مبادرة “السعودية الخضراء” في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي (COP28) الذي تستضيفه دولة الإمارات نهاية شهر نوفمبر الحالي، والذي من شأنه تعزيز حضور منطقة الشرق الأوسط ومكانتها على الساحة الدولية، لا سيما في ظل الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات لتقديم نموذج مثالي عن التنوّع الاقتصادي، والسعي لاستقطاب الزائرين من مختلف أنحاء العالم. ويمثل الالتزام المشترك لدى البلدين الشقيقين بتطوير قطاع الطاقة النظيفة والحدّ من الانبعاثات الكربونية نقطة إضافية تدعم الشراكة المتنامية بينهما.

ويعدّ تعزيز قطاع السياحة محوراً أساسياً ضمن برنامج التنويع الاقتصادي لرؤية المملكة 2030، والتي تستهدف زيادة أعداد السياح الدوليين إليها من حوالي 25 إلى 30 مليون سائح في العام الحالي، وصولاً إلى 70 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الطموح، تعهدت المملكة بتخصيص 800 مليار دولار لتطوير عدد من أكثر الوجهات السياحية جاذبية في العالم، إلى جانب مشاريع سياحية أخرى طموحة.

وفي هذا الصدد، من المهم إعطاء الأولوية لضمان أن تكون هذه المشاريع السياحية متوافقة مع أهداف إزالة الانبعاثات الكربونية في المملكة؛ وبالفعل فقد تم التعاون مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل، “مصدر”، الشركة الإماراتية الرائدة عالمياً في مجالي الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، للبدء برحلة طموحة تدعم مسار المسؤولية البيئية والابتكار في أحد المشاريع السياحية الواعدة في المملكة. حيث أعلنت “مصدر” عن تحالف مع شركة المرافق الكهربائية الفرنسية المتعددة الجنسيات “إي دي إف”، بالتعاون مع شركة “البحر الأحمر الدولية”، واتفاقية امتياز مدتها 25 عاماً لتنفيذ مشروع تطوير البنية التحتية متعددّة المرافق في “أمالا”، الوجهة السياحية الفاخرة في المملكة العربية السعودية. ومن المقرر أن يغدو هذا المشروع نموذجاً للاستدامة، من خلال مساهمته في تفادي انبعاث ما يقارب من نصف مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

وتضمّ عناصر المشروع الأساسية مجموعة شاملة من المرافق التي ستساهم بتعزيز معايير الاستدامة إلى حدّ كبير في وجهة “أمالا” الفاخرة، والتي تتضمن:

1. محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 250 ميجاواط، مما يوفر طاقة نظيفة ومتجدّدة لـ “أمالا” خلال ساعات النهار. ومن المتوقع أن تولد هذه المنشأة الضخمة طاقة تبلغ 410 آلاف ميجاواط/ساعة سنوياً، بما يكفي لتزويد 10 آلاف منزل بالطاقة اللازمة لمدة عام كامل.

2. نظام بطاريات لتخزين الطاقة يلبي احتياجات الطاقة في فترة الليل، وسيقوم المشروع بنشر نظام بطاريات لتخزين الطاقة بقدرة 700 ميجاواط/ساعة. ويعتبر هذا النظام من أكبر مرافق بطاريات تخزين الطاقة على مستوى العالم، حيث بمقدوره توفير الطاقة تلقائياً عند غروب الشمس. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم توفير محرّكات احتياطية للاحتراق الداخلي تعمل بالوقود الحيوي كوسيلة أمان إضافية بقدرة تصل إلى 40 ميجاواط.

3. مرافق لتحلية المياه تعمل بالطاقة المتجددة، وهي إحدى الجوانب الأكثر ابتكاراً في هذا المشروع، من حيث إدراج محطات تعتمد على الطاقة المتجدّدة لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي. وستساهم محطة تحلية المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية في توفير 37 مليون لتر يومياً، عبر تقنية التناضح العكسي، في تعزيز الكفاءة إلى درجة كبيرة، مع الحدّ من استهلاك الطاقة. ولضمان حماية البيئة البحرية في البحر الأحمر، تم تصميم تقنيات مخصّصة للاستخدام عند المدخل والمصبّ، تأكيدًاً على التزام المشروع بالحفاظ على البيئة.

4. بنية تحتية لنقل الطاقة المولّدة عبر خط نقل علوي بطول 15 كيلومتراً وبجهد 132 كيلو فولت، مدعوماً بالبنية التحتية اللازمة لشبكة المياه والكهرباء، بما في ذلك المحطات الفرعية، وحتى نقاط التسليم المحدّدة.

والأهم من ذلك، التزام هذا المشروع بنموذج الشراكة المستقلة بين القطاعين العام والخاص، والذي يشمل مراحل تصميم وبناء وتشغيل أنظمة المرافق إلى جانب الشبكات والبنية التحتية المرتبطة بها. ولا تقتصر فوائد هذا النهج المبتكر على الجدوى المالية للمشروع فحسب، بل تساهم أيضاً في تعزيز الاستخدام المسؤول للموارد.

وأوضح عبد العزيز المبارك، العضو المنتدب والمدير الأقليمي لشركة “مصدر” في المملكة العربية السعودية أن الشراكة مع “البحر الأحمر الدولية” وشركة “إي دي إف”، في تطوير هذا المشروع المتكامل والرائد على المستوى العالمي ستتيح توفير الطاقة النظيفة على مدار 24 ساعة عبر واحد من أكبر أنظمة بطاريات تخزين الطاقة في المنطقة، مؤكدًا أن تطوير الحلول الآمنة والمستدامة لتوفير المياه تعتبر من أهم التحديات التي تواجه العالم اليوم. ويتوقّع المبارك أن يتمّ اعتماد هذا النهج المبتكر لتحلية المياه بالطاقة المتجدّدة والبنية التحتية لمياه الصرف الصحي في مشروع البحر الأحمر لدى العديد من المشاريع المستقبلية.

وتعتبر “أمالا”، وجهة فاخرة للسياح والزائرين، ومركزاً عالمياً للصحة والاستدامة، وهي نموذج مثالي يمهد لتطوير مزيد من المشاريع السياحية الرائدة في المستقبل. ومع التزامها بالحفاظ على الحياة البحرية في البحر الأحمر، وتقديم مثال حقيقي للتنمية المستدامة، ترسي “أمالا”  معايير جديدة للوجهات الفاخرة الصديقة للبيئة.

ويمثل المشروع المشترك متعدّد المرافق في “أمالا” بين “مصدر” وشركة المرافق الفرنسية “إي دي إف” وشركة “البحر الأحمر الدولية” خطوة بارزة على مسار التحوّل نحو مستقبل أكثر استدامة. وفي ظلّ التحديات التي يشهدها العالم في مواجهة أزمة المناخ، تبرهن هذه المبادرة على إمكانية التوفيق بين الابتكار والمسؤولية البيئية، وتؤكد بأن معايير الرفاهية والاستدامة يمكن أن تجتمع معاً لتقديم تجربة استثنائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى